الطفل الموهوب

الطفل الموهوب والمبدع هو " الطفل الذي يؤدي أي عمل بكفاءة عالية وبصورة أفضل ممن هم في سنه ، وبأسلوب يبشر بتحقيق إنجازات وإسهامات عالية في المستقبل " .

ومن التعريفات أيضاً تعريف سبيرمان  للتفكير الإبداعي للطفل بأنه قدرة الطفل على إدراك العلاقة بين شيئين بطريقة ما ينبثق عنها ظهور شيء ثالث مخالف لشكليهما الأولين " .

يمكن أن نستنتج جملة من الخصائص والسمات التي يتميز بها الموهوبون :
1- التفوق العقلي : يتسم الموهوبون بالقدرة العقلية العالية فالموهوب يتربع على قمة السلم الهرمي في استجاباته على اختبارات الذكاء ، وكذلك في اختبارات التفكير الابتكاري .

2- القدرة على أداء الأعمال بكفاءة عالية ، وذلك بما يمتكله من مهارات متميزة تنبئ بتحقيق إنجازات عظيمة مستقبلاً وبما يمتلكه من طاقة حيوية هائلة يسخرها للسيطرة على الأشياء .

3- القدرة العالية على الفهم والإدراك في تصور العلاقات بمختلف مستوياتها كالعلاقات الزمانية والمكانية والمجردة بين الأشياء والأفكار والوقائع ، ويظهرون مرونة في التفكير في إنتاج البدائل الجديدة والحلول التي تتصف بالجدية والأصالة والحداثة، فالموهوبون يتعلمون عن طريق الاكتشاف، ويرفضون أساليب الحفظ والتقليد .

4- ولعل من أهم خصائص الموهوبين أيضاً تميزهم بالاستقلالية والثقة بالنفس إلى درجة المخاطرة والمغامرة في القيام بالمهام الصعبة وفي تناول الأشياء وتجريبها ، وتلعب دافعية الموهوب المتزايدة دور في رغبته في التعلم وفي الاكتشاف والفضول المعرفي فهو كثير الأسئلة والتساؤل مما يسبب الإزعاج والقلق لوالديه ومعلميه في أحيان كثيرة .

5- الحساسية للمشكلات والمواقف : إذ أن الموهوب المبدع أكثر حساسية للمشكلات الاجتماعية والمواقف التعليمية ، فهو غالباً ما يميل إلى اكتشاف التناقض في المواقف ، ويظهر العناصر المفقودة في حل المشكلة .

ونظراً لأهمية هذه الخصائص والمميزات لدى الموهوبين المبدعين فقد كانت الأساس التي اعتمد عليها العلماء في بناء اختبارات التفكير الإبداعي التي تؤكد جميعاً على قياس السمات الأساسية الثلاث وهي : الأصالة والمرونة والطلاقة .



أساليب وأدوات الكشف عن الموهوبين المبدعين :
تتعدد الأساليب والأدوات المستخدمة في الكشف عن الأطفال والطلاب الموهوبين ، وفي التعرف عليهم ، وبعض هذه الأساليب والأدوات تقليدية معروفة منذ القدم وبعضها الآخر يُعد حديث نسبياً .

وتعتمد هذه الأساليب والأدوات على محكات معينة لتقدير الموهبة والحكم على الموهوب أو المبدع من قبل المربين والمعلمين والباحثين وتظهر المواهب عادة من خلال ممارسة الأنشطة والميل إلى الهوايات التي يظهرها الأطفال و الطلاب سواء في المدرسة أو البيت أو النادي وغيرها عند ممارستهم لمختلف الأنشطة الرياضية أو الموسيقية أو الفنية أو الأدبية والعلمية ، غير أن عملية الاكتشاف تلك تتطلب من القائمين عليها وبخاصة المعلمين ضرورة الإلمام بالموهبة أو العملية الإبداعية وعناصرها وطبيعتها ، وهذا لا يتأتى إلا بالتدريب والتأهيل وفق برامج خاصة تؤهلهم للتعرف على المواهب واكتشافها ورصد مؤشراتها منذ سن مبكرة وكيفية العناية بها ورعايتها ، حتى لا تطال تلك المواهب والإبداعات مظاهر الإحباط والتراجع والفشل إذا لم تلق العناية والتنمية اللازمة ، فقد أشارت دراسة شكلية وهانزفورد ، أنه " يمكن إعاقة هؤلاء الأطفال من التمثيل لقدراتهم ذا ما قلت المثيرات والخبرات التربوية والتعليمية في البيئة المنزلية والمدرسية الأمر الذي يحد من التنمية الذهنية ، كما أن نقص الغذاء يمكن أن يؤدي إلى خفض القدرة على التركيز وكذلك العزلة الاجتماعية يمكنها تأخير نمو الفرد" .

ومن أهم الأساليب والأدوات المستخدمة في اكتشاف المواهب لدى الأطفال والطلاب في المدارس والنوادي والمعسكرات في كثير من الدول المتقدمة تتمثل في إجراء الاختبارات والملاحظة والتقديرات الذاتية للتلاميذ وإقامة المسابقات ، وبالرغم من أن معظمها تقليدية ، فهي للأسف لم تتوفر في المدارس الليبية ، فلم تطبق أي نوع من الاختبارات والمقاييس المقننة في اكتشاف المواهب ولم تكن الملاحظة من قبل المعلمين والأخصائيين النفسيين حاضرة في المدارس ، كما أن الاستفتاءات لاستطلاع أراء الأطفال والتلاميذ والطلاب لم تكن مألوفة أو مستخدمة فيها وربما الأداة الوحيدة المعهودة في المدارس هي إجراء المسابقات وإقامة المعارض في نهاية العام الدراسي وعند إقامة بعض الأنشطة الرياضية والموسيقية والمسرحية التي غالباً ما تنتهي بانتهاء العام الدراسي ، دونما الاهتمام بأية برامج للرعاية والتنمية للمواهب التي تبرز في مثل هذه الأنشطة والمسابقات وفيما يلي إشارة موجزة لهذه الأدوات :-

1- الملاحظة : تُعد الملاحظة العلمية لسلوك الأطفال والطلاب وإنجازاتهم الأكاديمية وغير الأكاديمية ، وتحصيلهم الدراسي من الأدوات المهمة المستخدمة في التعرف على الموهوبين وتوجيه الانتباه إليهم ، وينبغي أن يكون هذا الاهتمام موجهاً للأطفال منذ مراحل مبكرة لتشمل مرحلة ما قبل المدرسة ثم مرحلة التعليم الأساسي .
                                      
2- الاختبارات والمقاييس النفسية : تعد الاختبارات والمقاييس النفسية من الأدوات الموضوعية التي يلجأ إليها الباحثون والأخصائيون النفسيون في قياس القدرات العامة ( الذكاء ) والقدرات الخاصة : كالقدرة العددية والقدرة اللفظية ، كما أن اختبارات قدرات التفكير الابتكاري من الأساليب الشائعة الآن في اكتشاف الموهوبين من الأطفال و المراهقين والشباب ، ولعل من أشهر تلك الاختبارات اختبار تورانس للتفكير الابتكاري .

3- التقديرات الذاتية للتلاميذ : إذ يمكن للأطفال والتلاميذ أن يفصحوا عن مواهبهم وإبداعاتهم ، ويكشفوا عن طموحاتهم وأمانيهم المستقبلية عن طريق المقابلات الشخصية فنتعرف على هواياتهم وأساليب ممارستها وكيفية قضاء أوقات فراغهم ، وجميع الأنشطة المدرسية وغير المدرسية التي يمارسونها.

4- إقامة المسابقات المتعددة والمعارض المدرسية : ومن الأساليب المتعارف عليها في المدارس حالياً إقامة المسابقات الفكرية والأدبية والفنية والرياضية التي تجرى بين الفصول الدراسية في المدرسة الواحدة أو بين مجموعة من المدارس ، وقد تشمل أيضاً إقامة المعارض المختلفة لإبراز مظاهر النشاط المدرسي وكذلك العروض الموسيقية والمسرحية وإقامة الحفلات وهي لا شك تمثل فرصاُ ثمينة لاكتشاف المواهب والتعرف على شخصيات المبدعين .

وهكذا يمكن للمدرسة أن تلعب دوراً مهماً ليس فقط في اكتشاف الموهوبين ، بل في العناية بهم ورعايتهم بوضع برامج لتنمية مواهب الأطفال والطلاب التي تحترم ثقافتهم، وتعمل على إشباع حاجاتهم وتأكيد نجاحهم في المدرسة والبيت وذلك من خلال مد جسور التعاون والتنسيق بين أسر الموهوبين والمدرسة بما يحقق تشجيع الموهوبين وحفزهم على الإنتاج الإبداعي وتعزيز مكانتهم في المجتمع .

المشكلات والمعوقات التي تواجه الموهوبين المبدعين :
إذا أردنا أن نستقصي المشكلات والعقبات التي تواجه فئة الموهوبين وتعترض مظاهر نموهم الطبيعي ، وتكون سبباً في إحباطهم وفشلهم أحياناً أو تعثر موهبتهم وإبداعاتهم وتأخرها أحياناً أخرى ، فيمكن إرجاعها إلى المصادر التالية التي يتفاعل معها الموهوب وتشكل شخصيته

No comments:

Post a Comment