أفكار خاطئة عند الحوامل


 

التهيؤ التام للولادة لا غنى عنه، حتى وإن كنتِ عازمة على طلب التخدير النصفي ما يسمى epidural بالإنجليزية، والأسباب متعددة.
أولاً: يمكن إلغاء التخدير في اللحظة الأخيرة، لسبب ما، مثلاً ظهور حُمى عند الحامل الموشكة على الولادة، أو إصابتها بطفح جلدي، 
 وثانياً: التخدير النصفي ليس بالضرورة فاعلاً، إذ لا ينجح في بعض الأحيان.
 وثالثاً: حتى مع التخدير النصفي، لا مناص للأم من المشاركة في إطلاق الطفل، في الأحوال كلها.
في العقود الأخيرة، جُرِّبت وسائل كثيرة لتسهيل الولادة، والسعي إلى التخفيف من آلامها، كالغرز بالإبر (acupuncture)، والتدليك الطبي القائم على «الميكانيكية البدنية»، والمخاض في الماء، وحتى الغناء أثناء الولادة، وما إلى ذلك. لكن، تظل «الولادة التقليدية» هي الأمثل.
 لذلك، إن عرض المستشفى تخصيص حصص للتدريب على الإنجاب، فلا تترددي في التسجيل.
وللعلم، في أوروبا وغيرها، عمدت إدارات بعض مستشفيات التوليد إلى إلغاء تلك الحصص بسبب «إنفلونزا الخنازير». لكن، على العموم، بدأت تلك القرارات تلغى في أكثر المؤسسات الصحية.
وفي أكثر البلدان، تغطي مؤسسات الضمان الصحي عدداً من الدروس (عموماً ثماني حصص، وذلك كافٍ للتهيؤ). 2 «سيتخذ جنيني وضعيته النهائية في آخر لحظة، قبيل الولادة مباشرة». خطأ.
ولكن.. على العموم، يتخذ الجنين وضعيته النهائية في نهاية الشهر الثامن من الحمل. وفي معظم الحالات، يكون رأسه نحو الأسفل، وهي الوضعية المثلى لتسهيل الطلق.
 فرأس الوليد الجديد أكبر أعضائه قطراً وحجماً. لذا، بعد مرور الرأس، وانطلاقه إلى الخارج، يمر باقي جسد الطفل بسهولة. إلا أن بعض الأطفال لا يتخذون تلك الوضعية، مفضلين إخراج مؤخرتهم قبل باقي الجسد (ما يسمى ولادة «المقعد»).
 وهذه حالة غالباً ما ينجم عنها اضطرار الأطباء إلى إجراء عملية قيصرية، إنقاذاً للأم والوليد معاً. على الرغم من ذلك، تحصل فعلاً حالات «يقرر» فيها الجنين اتخاذ وضعيته النهائية في آخر لحظة. لكنها حالات نادرة.
 وما يحصل أكثر هو أن طبيبة التوليد هي التي تسعى إلى «قلب» الطفل بحركات معينة، من خارج البطن. المشكلة أن أكثر أطباء وطبيبات التوليد، والقابلات المأذونات، غير مؤهلين لتنفيذ تلك الحركات بنجاح. هكذا، يظل الجنين على حاله، ما يتطلب إجراء العملية القيصرية. وثمة حالات أندر، تنصب على «استلقاء» الجنين بشكل أفقي تماماً. وهنا، لا يوجد حل آخر غير القيصرية.
 3 «أفقد الماء، لكن لا بأس، سأظل في البيت مادامت لا توجد انقباضات». خطأ. فالـ«نخط» أو الـ«صاء» (المسمى أيضاً السائل «الأمنيوسي»، الذي يفرزه السَّلى، أي الغشاء المحيط بالجنين) يضطلع بدور حماية الجنين من الإصابة بالأمراض. فإن تمزق الكيس، يمكن أن «تصعد» جراثيم نحو الطفل، وتصيبه بمرض ما، قد يكون خطيراً.
لذا، حال «فقدان الماء»، ينبغي التوجه إلى المستشفى دون تأخير. وعن الانقباضات، فعندما تصبح منتظمة، وبفارق زمني من 5 إلى 10 دقائق الواحد عن الآخر، فذلك يعني وشوك الولادة. أما في الحالات، النادرة، التي يحصل فيها تشقق الكيس قبل موعد الولادة بكثير، فلا داعي للقلق أكثر من اللزوم. إذ يظل احتمال نجاح الإنجاب عالياً جداً لسبب بسيط: هو أن السائل «الأمنيوسي» يتجدد تماماً كل زهاء 3 ساعات.
 لكن، وفي لحال تلك، ينبغي أن ترقد الحامل في المستشفى، وتخضع لرقابة طبية متواصلة لحين انتهاء الإنجاب. وفي تلك الأثناء، تخضع لعلاج بالمضادات الحيوية درءاً لخطر إصابة الطفل بمرض جرثومي.
4 «إن حصل التخدير النصفي قبل الموعد بكثير، من شأنه أن يعيق الإنجاب» صح. فإجراء التخدير بشكل مبكر أكثر من اللزوم، يمكن أن يلغي الانقباضات، بالتالي يعيق عملية الوضع برمتها. في المقابل، إن جاء التخدير متأخراً، أي وقت الطلق نفسه، يأتي مفعوله بعد فوات الأوان، بالتالي من دون فائدة تذكر في تخفيف الألم. فالظرف الأمثل لحقن الإبرة هو عندما يصل توسع عنق الرحم 2 إلى 3 سنتيمترات، أو حين تصبح الآلام غير مطاقة. في هذه الحالة، يتيح التخدير النصفي، الذي ينبغي أن يؤديه طبيب متخصص، تخفيف آلام انقباضات الرحم، الناجمة عن توجه الجنين نحو مجرى الخروج. وينصب التخدير النصفي على غرز إبرة بين فقرتين قـَطـَنيتين معينتين. لكن، لا تخافي: فقبل ذلك، يتم تخدير المنطقة موضعياً، ولن تحسي بأي ألم. عقب ذلك، يجرى حقن مادة مخدرة بوساطة آلة «قسطرة»، يأتي مفعولها بعد 10 دقائق إلى 15 دقيقة. وتعاد الكرَّة أثناء عملية الوضع بحسب الحاجة، وطول مدة الوضع. واعلمي أن استشارة متخصص التخدير إلزامية، أسابيع قبل موعد الولادة المقدَّر، سواء أعزمت على اختيار التخدير النصفي أم لا.
 ومن حقك تغيير رأيك، في أي حال.
 5 «سيحرمني التخدير النصفي من أحاسيس الإنجاب» خطأ. في السابق، كانت التقنية تحرم الأم فعلاً من أحاسيس الوضع. الآن، مع تطور الطب، باتت جرعة التخدير النصفي مدروسة بحيث تحجب الألم من دون القضاء على الشعور بالحركة وحاسة اللمس. هكذا، تعيشين لحظات الإنجاب كاملة، وتشاركين فيه مثلما لو كان من دون تخدير. كما ينبغي معرفة أن التخدير النصفي لا يؤثر في الطفل نفسه، فالجرعة غير كافية له.
 6 «يمكن إجراء عملية قيصرية بتخدير نصفي وحسب». صح. يتزايد عدد الأطباء ممن يتخلون عن التخدير العام لإجراء العمليات القيصرية، مفضلين التخدير النصفي، إلا في حالة عدم تقبل الحامل لهذا الأخير، أو في طوارئ قصوى، لا تتيح وقتاً كافياً لتحضيره، وتستدعي التصرف حالاً، ما يتطلب «بنجاً» شاملاً. ومن فوائد التخدير النصفي أنه يدعك يقظة، ومدركة، ما يتيح لك أن تضمي طفلك وتقبليه حال ولادته. واعلمي أنه، في الأحوال كلها، تجرى العملية القيصرية في صالة العمليات الجراحية، وليس في صالة التوليد.
 7 «إن ولد طفلي الأول بقيصرية، ستكون الحال كذلك مع التالين». خطأ. فولادة طفل بقيصرية لا تمنع إطلاقاً أن تكون الولادات التالية طبيعية وسهلة. لكن، ثمة استثناء، يتمثل في ضيق حوض الأم. فهذه حالة ينجم عنها عسر الولادات كلها، بالتالي احتمال كبير في أن تكون قيصرية كلها. في أي حال، عقب ولادة قيصرية، يُفضل عدم الحمل مجدداً قبل مضي مدة كافية لالتئام البطن تماماً: 6 أشهر على أقل تقدير، لكن من الأفضل الانتظار عاماً كاملاً.
 8 «ملقط سحب الجنين يشوه رأسه». خطأ. فهذا الملقط، المسمى forceps باللغات الأجنبية، لا يستعان به سوى في حال مكوث رأس الطفل بعيداً عن المنفذ، أي عالياً في الرحم، على الرغم من اتخاذ الجنين الوضعية الطبيعية (رأسه نحو الأسفل). وعادة، يجيد أطباء وطبيبات التوليد استخدامه، وسحب الطفل بهدوء، من دون التأثير في هيئة رأسه. وعلى العموم، تتمثل نقاط الالتقاط في عظمي الخدَّين (الوجنتين)، والقوس «الوجني»، وربما أحياناً في شحمتي الأذن. لكن، في العديد من البلدان، للقلق من الملقط أسباب.. لفظية وحسب. فمثلما قلنا، يسمى «فورسپس» في لغات عديدة، وحتى عندنا، لا يندر أن يعرفه الناس بهذه التسمية الأجنبية. و»فورسپس» تبدأ بطباق لمفردة «فورس force»، أي «القوة»، ما يجعل العديدين يظنون أنه يُستخدم بقوة، أو يستخدم القوة. في الواقع، لا يؤثر استخدامه في شكل الطفل، عدا عن استطالة طفيفة للرأس، تزول خلال بضعة أيام.
9 «تستمر الانقباضات حتى بعد الولادة». صح. فالانقباضات تدوم فعلاً عقب الوضع، لمدة 4 أيام، وأحياناً 5. والغرض من انقباضات ما بعد الوضع: لفظ المشيمة (أو الـ«سخد»، باللغات الأجنبية placenta، وهو الجيب الغشائي الذي يتكون فيه الجنين داخل الرحم). كما تتيح تلك الانقباضات للرحم التقلص، بهدف استعادة وضعه الأصلي. وعقب انتهائها، ثمة انقباضات أخرى، طفيفة جداً وغير محسوسة، أو بالكاد، تستمر زهاء شهر بأكمله، إلى أن يعود الرحم إلى حالته الطبيعية.


No comments:

Post a Comment